في مثل هذا اليوم استشهد القديس أكليمنضس أسقف رومية، وقد ولد هذا الاب برومية، من والد شريف الحسب اسمه فستينوس أحد أعضاء مجلس الأعيان، فعلمه وأدبه بالاداب اليونانية، ولما قدم رومية القديس بطرس الرسول وسمع أكليمنضس بكرازته، استدعاه إلى مجلسه وباحثه كثيرا، فبين له الرسول بطلان عبادة الأوثان، واثبت له ألوهية السيد المسيح الذي به يبشرون وباسمه تجري المعجزات، فآمن علي يديه وتعمد منه، ثم تبعه من ذلك اليوم، وكان يكتب سير التلاميذ وما يقاسوه علي أيدي الملوك والولاة، ثم بشر في مدن عديدة وآمن علي يده كثيرون، وهو الذي سلم إليه الرسل كتب قوانينهم، وصار بطريركا علي رومية في أواخر القرن الاول المسيحي، فبشر فيها ورد كثيرين من أهلها إلى معرفة السيد المسيح، وسمع عنه الملك ترايان، فاستحضره مقبوضا عليه وأمره بالسجود للأوثان، وإنكار السيد المسيح فلم يطعه، وإذ خشي الملك من تعذيبه أمام أهل المدينة وأهله، نفاه إلى إحدى المدن، وكتب رسالة إلى واليها ليعذبه ثم يقتله، فربط الوالي عنقه بمرساة وألقاه في البحر، وهكذا اسلم هذا القديس روحه الطاهرة، ونال إكليل الشهادة في السنة المائة للمسيح، وبعد سنة من انتقاله انحسرت اللجة عن جسده، فظهر في قاع البحر كأنه حي، ودخل كثيرون وتباركوا منه وأرادوا نقله من مكانه، فاحضروا تابوتا من رخام ووضعوه فيه، ولما أرادوا إخراجه من البحر، لم يقدروا علي تحريكه، فعلموا انه لا يريد الانتقال من مكانه فتركوه ومضوا، وصارت اللجة تنحصر عنه يوم عيده في كل سنة، فيدخل الزوار إليه ويتباركون منه، وكثر تردد المسافرين عليه، وهم يعاينون هذا العجب، ومن جملة ما كتب عن عجائبه “ انه في بعض السنين دخل الزوار ليتباركوا منه، وقد نسوا عند خروجهم صبيا صغيرا خلف تابوت القديس، وكان ذلك بتدبير من السيد المسيح ليظهر فضل محبته، وما نالوه من الكرامة، ولما تذكر والدا الطفل ابنهما أسرعا إلى البحر، فوجدوا اللجة قد عادت وغطت التابوت، فتحققا إن ولدهما قد مات في البحر وآكلته الوحوش، فبكياه وأقاما التراحم والقداسات كالعادة، وفي السنة التالية انحسرت اللجة، ودخل الناس كعادتهم فدهشوا إذ وجدوا الصبي حيا، فسألوه كيف كان مقامك ؟ وبماذا كنت تتغذى ؟ فقال إن القديس كان يطعمني ويسقيني ويحرسني من وحش البحر، فمجدوا السيد المسيح الممجد في قديسيه .
صلاته تكون معنا امين.