في هذا اليوم أستشهد القديس واسيليدس، هذا كان وزيرا ومدبرا لمملكة الروم، التي كان يقودها برأيه، وكان له من الممالك والغلمان عدد كثير. ويومئذ كان الملك نورماريوس الذي تزوج أخت واسيليدس "البطريقة" (لقب مدني أحدثه قسطنطين) أم ثاؤدورس المشرقي. فرزقت منه يسطس. ورزق واسيليدس ولدين أوساويوس ومقاريوس. ولما ثار الفرس على الروم أرسل إليهم نوماريوس الملك ابنه يسطس مع أوسابيوس بن واسيليدس. ثم خرج هو لمحاربة قوم آخرين، فقتل في الحرب. وبقيت المملكة خالية ممن يسوسها. وكانوا قد اختاروا من بين الجنود للحرب رجلا يقال له اغريبيطا راعى غنم وجعلوه على إسطبل الخيل الذي للملكة. وكان ذا بطش متسرعا في أموره. فتطلعت إليه واحدة من بنات الملك واتخذته لها زوجا. وجعلته ملكا وأسمته دقلديانوس. وبعد قليل ترك إله السماء وعبد الأوثان. فلما سمع واسيليدس اغتم جدا، ولم يعد إلى خدمة الملك. أما يسطس ابن الملك نورماريوس، وأوساويوس بن واسيليدس، فانهما عادا من الحرب ظافرين منتصرين، فلما رأيا أن الملك قد ابتعد عن الإيمان صعب عليهما الأمر وجردا السيف وأرادا قتل الملك الخائن، وإعادة المملكة إلى صاحبها يسطس بن نورماريوس، فمنعهم واسيليدس من ذلك، ثم جمع جيشه وعبيده. وعرفهم أنه يريد أن يبذل نفسه من أجل اسم المسيح فأجابوه بأجمعهم قائلين نموت معك. فاتفقوا وتقدموا إلي الملك فخاف منهم خوفا عظيما لأنهم أصحاب المملكة. فأشار عليه رومانوس والد بقطر أن ينفيهم إلى ديار مصر ليعذبوا هناك. فأرسل كل واحد منهم إلى إقليم، مع أبادير وإبرائي أخته وأوساويوس ومقاريوس وأقلوديوس وبقطر. وسمر ثاؤدورس المشرقي على شجرة.
أما واسيليدس فقد أرسله إلى ماسورس والى الخمس المدن الغربية. فلما رآه تعجب من تركه مملكته ومجده. وأرسل السيد المسيح ملاكه وأصعده بالروح القدس إلى السماء، وأراه المنازل الروحانية، فتعزت نفسه. أما عبيده فقد أعتق البعض منهم، وأستشهد معه البعض. وقد احتمل القديس واسيليدس العذاب الشديد تارة بالهنبازين وتارة بتمشيط الجسم بأمشاط من حديد. ثم رفعه على لولب به منشار، ودفعه على سرير حديد ولم يترك الوالي ماسورس شيئا من العذاب إلا وعذبه به. ولما ،لم يتزحزح عن إيمانه، أمر بقطع رأسه المقدس، ونال إكليل الشهادة في ملكوت السماوات، عوض المملكة الأرضة التي تركها. شفاعته تكون معنا. آمين.