في مثل هذا اليوم تنيح الاب القديس كرياكوس، وقد نشا هذا المجاهد في مدينة قورنثية ببلاد اليونان. ابنا لأبوين مسيحيين أرثوذكسيين. فأدباه بعلوم الكنيسة ثم قدماه إلى الاب بطرس أسقف قورنثيه. وهو ابن عمه، فرسمه اغنسطسا ، فداوم علي القراءة والبحث في معاني أقوال الكتب الإلهية، حتى فاق فيها كثيرين، ورتب عليه الأسقف القراءة علي الشعب في الكنيسة، وعليه في القلاية. فكان مسرورا بهذا. ولما بلغ من العمر ثماني عشرة سنة، عرض عليه أبواه الزواج فأبى، وطلب منهما السماح له بزيارة أحد الأديرة للتبرك من القديسين الذين به، وداوم التردد علي الدير من وقت لأخر، فاشتاق إلى لباس الرهبنة، وذهب إلى أورشليم المقدسة واجتمع بالقديس كيرلس أسقفها وعرض عليه رغبته في الرهبنة، فاستصوب رأيه وتنبأ عنه بقوله "سيكون هذا أبا كبيرا ويقوم بمجهودات كثيرة وتستضئ بنور تعاليمه نفوس كثيرين" . ثم باركه وأرسله إلى الاب الكبير اوتيموس أبى رهبان فلسطين، فقبله فرحا والبسه ثياب الرهبنة، ثم سلمه لأحد شيوخ الدير ليرشده إلى طرق العبادة ويكشف له حيل الشياطين. فسار هذا الاب بالسيرة الفاضلة والتقشف الزائد وغير ذلك من النسك والتواضع والورع. فأعطاه الله نعمة شفاء الأمراض حيث كان يشفي كل من يقصد الدير ممن به علة أو سقم. فشاع فضله وقداسته. وصحب هذا القديس الاب كيرلس أسقف أورشليم إلى مجمع القسطنطينية المائة والخمسون الذي اجتمع علي مقدونيوس عدو الروح القدس. فناضله وقاومه بالحجة والبرهان. وتنيح في شيخوخة صالحة. وقد اظهر الله من جسده بعد نياحته آيات كثيرة ولا يزال جسده باقيا بأحد أديرة مدينة أورشليم، لم ينله أي تغير ، حتى ليعتقد كل من يراه إن رقاده قريب العهد. وقد مضي عليه إلى يوم تدوين سيرته اكثر من سبعمائة سنة. حيث كان في زمان ثاؤدسيوس الكبير في أواخر القرن الرابع المسيحي. شفاعته تكون معنا امين.